لأنه لم يعد يملك شيئاً يخسره، ولأن حظوظه بالوصول إلى قصر بعبدا بقيت معدومة على الرغم من كل محاولاته تسويق نفسه في قطر وفرنسا والداخل، قرر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، فتح النار في كل الاتجاهات، مصوّباً على الحلفاء قبل الخصوم، من دون أن يدرك أن هذا القصف العشوائي، الذي أراده لتعويم نفسه في الشارع المسيحي، خصوصاً لدى استهدافه رئيسَ مجلس النواب نبيه بري وحديثِه عن الترويكا والحقوق المهدورة في فترة 1990 ـ 2005، سيرتد عليه هو.
وتكشف مصادر نيابية مطّلعة لموقع القوات اللبنانية الالكتروني، عن أن التسجيل الصوتي المسرّب لباسيل، تم تسريبه من قِبَله عن قصد، كخرطوشة أخيرة في جعبة رئيس التيار، علّها تسعفه في إفهام الضاحية، بأنها، ومهما فعلت، لن تنتزع موافقة الفريق البرتقالي على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، خصوصاً أن باسيل تعمّد في التسجيل، تذكيرَ حارة حريك بأنه دفع أثماناً باهظة لأنه تحالف مع حزب الله، ففُرضت العقوباتُ الاميركية عليه.
لكن كل هذه المحاولات لن تنفع، وفق المصادر، ولن تفيد في تغيير الضاحية قرارها بدعم فرنجية، لا سيما أن تصويب باسيل على بري دلّ على انعدامٍ تام لـ”الحس الأخلاقي” السياسي لديه، بما أن باسيل انتقد الترويكا وبري، بعد أيام قليلة على زيارة قام بها إلى عين التينة حيث سعى إلى كسب ودّ رئيس المجلس رئاسياً، لكن عندما فشل في ذلك، سافر إلى باريس وفتح النارَ على “الاستيذ” من هناك.
على أي حال، ردُ عين التينة لم يتأخر. فإلى موقف رئيس البرلمان الذي قال فيه إن ترويكا الهراوي ـ بري ـ الحريري كانت أفضل من ترويكا عون ـ باسيل ـ جريصاتي، فإنها تقصّدت نشر خبر اللقاء مع باسيل الذي كان الأخير يريد إبقاءه سرياً خصوصاً أنه كان يريد خلاله إبرام “صفقة” مع بري.
هذا السلوك المتهوّر، تتابع المصادر، يُعتبر دعسة ناقصة خطيرة من باسيل، سيدفع ثمنها رئاسياً، إذ ستذهب الضاحية، وبكل ضمير مرتاح هذه المرة، نحو تأييد فرنجية الذي، بدلاً من “تربيحها جميلة” لأنه تحالف معها، أعلن في الساعات الماضية، أنه جاهز لحماية ظهر المقاومة ولن يغدر بها، منسجِماً مع المواصفات الرئاسية التي حددها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله منذ أسبوع. وما سيعزز هذا التوجه لدى حارة حريك، هو عدم طرح باسيل حتى الساعة أي اسم توافقي، قال أمس إنه لا يزال يبحث عنه، علماً أن حزب الله لا يريد أصلاً، أقلّه في الظروف الإقليمية الراهنة، رئيساً وسطياً، بل منتمياً في شكل خالص إلى خطه السياسي.
وبعد، تشير المصادر إلى أن باسيل الذي أراد حرق أوراق كل من فرنجية وبري، حرق في النتيجة كلَّ فرصه في الوصول إلى بعبدا وربما أيضاً الجسورَ مع حزب الله، بحيث يتجه الطرفان نحو تباعد في المسارات الرئاسية الآن، على أن تلتقي من جديد على الأرجح بعد الاستحقاق، بما أن باسيل فنّان في الصفقات وينسى كل الخصومات أمام مصلحته، وفق المصادر.
موقع القوات