كتب محمد الحسن
قبل كل شيء، لا يمكننا ان نبخث حق الرجل ولا ان نقول ما ليس فيه، فهو تقني جيد وتجربته في عدد من الدول العربية والعالمية تجربة محترفة في الشأن التنظيمي وإدارة ملفات المؤسسات . والاكيد انه رجل طيب ويحاول أن يبدو صريحا واضحا الى حد ما، ولعل المعوقات اللبنانية تحول بينه وبين ذلك.
الحاصل
حاول امس وزير الطاقة والمياه وليد فياض في لقاء مع اعلامي هاديء، هو ماريو عبود ،وهو من النوع الذي لا يتشاطر برغبة الظهور بل برغبة تحقيق اهداف حواراته ولو انه بدا اي ماريو مرات غير متضامن مع القطاع العام، حاول فياض أن يرقع عشرات الهفوات التي وقع فيها سابقا والتي انتجت شوشرات ووشوشات وكلام وكلام على الطريقة اللبنانية.
وامكن للمتابع ان يسجل ثلاث مفارقات على قدر من الأهمية، فقد جهد الوزير فياض للظهور بمظهر الشفاف خاصة في ما يتعلق بالهيئة الناظمة وما يسعى الى نشره عالميا توخيا للشفافية وفي ذلك خطوة مميزة تنسجم مع تجربة الرجل .
ولكن في المقلب الآخر كشف فياض أن مجمل سلوكه اللبناني لا يعتمد على المسار الفني والشفافية فهو يسعى وفق ما أعلن مرارا على مدى اقل من نصف ساعة الى مراجعة السياسيين والكتل السياسية، ويحفظ عن ظهر قلب توجهات حزب الله وحركة امل وربما غيرهم لكنه لم يذكر اي فريق آخر ولم يشر الى نتائج مشاوراته معهم ، ثم أكد جازما أن اي خلاف سياسي يمكن له ان يعطل خطة رفع ساعات التغذية بالكهرباء مقابل ما أصبح واضحا للشعب اللبناني انه توجه لتقاضي اموال طائلة مقابل التيار ودون ان يستغني اللبناني لا عن الطاقة الشمسية ولا عن طاقة المولدات ، وهنا اكتفى الوزير فياض بالتأكيد ان جعالة الكهرباء تساوي نصف جعالة المولدات الخاصة دون أن يلفت ولو عرضا الى احتمال قدرة اللبنانيين على الاستغناء عن الاشتراكات فيصير المال المدفوع اذا بقي الاشتراك واحد ونص لا النصف فقط .
وفي مقلب آخر وبعد محاولة ملحة منه بالايحاء ان خطته للكهرباء ان يوفر تيارا وأن يؤمن مؤسسة رقابية تفتح الباب على الخصخصة، قال بوضوح ان خطة زيادة الساعات هي خطة الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي وانه لا إمكانية لذلك ان يحصل بدون خطتهما، ليكون السؤال هنا اي دور فعلي لمعالي الوزير اذا كانت الخطة خطة ميقاتي والجهد لتوفير الأموال جهده اذا أين يكمن عمل الوزارة في هذا المجال . هنا اشتكى معاليه من ان رئيس الحكومة ملحاح ويريد ان تتحقق الأمور بسرعة ، غريب أمر دولة الرئيس كيف يفعل ذلك ؟!
وبعيدا عن هذا الملف
لكم كنا نتمنى أن يحدثنا معالي الوزير التقني وهو كذلك عن تصوره لمستقبل توليد الطاقة في لبنان استعانة بالسدود نقصد الطاقة الكهرومائية وبالاذرع الهوائية ، ولا عن الاستعانة بطبيعة لبنان وبسهوله لزرع عشرات حقول الاذرع هذه ولا عن منشآت حرق النفايات الجيل الرابع التي يفترض لها ان تولد في كل قضاء ما يكفيه من تيار كهربائي. هو لم يفعل ذلك لكن اللبنانيين تمنوا ان يسمعوا ذلك منه .
على كل حال طيبة القلب ليست صفة سيئة ونريد في لبنان ان نفيد من مهنية أمثال الوزير فياض.
أما الطموح الابرز فان لا يتدخل اهل السياسة ولا الاحزاب السياسية في الشأن التقني وأن تضع وزارة الطاقة خريطة علمية للتيار وتخفيض الكلفة وصولا الى بيع التيار لا شرائه، وليتقاسم المال من يشاء الا ان التيار الكهربائي يفترض ان يصل إلى كل بيت بسنتات قليلة من الدولارات.
امس الحلقة جميلة لكنها غير كاملة المواصفات التقنية .
شكرا
