المنجل والواوي

اكتفي اليوم بنقل قصة المنجل والواوي نقلا عن موقع الاتحاد

وفيها عبرة وفيها وصف كاف ومعبر

هنا القصة بحسب الاتحاد

ربما الصغار فقط لا يعرفون قصّة الواوي الذي بلع منجلًا . وربما أيضًا قد نسيها الكبار . وهنا لا أقصد بالصغار وبالكبار غير السن . فالكبار الكبار ذاكرتهم صغيرة ، قصيرة ، قد تصل حد القزامة . وهنا لا أقصد أيضًا الأقزام البشر العاديين الذين لا يخلون من الفطنة والذكاء الفطري الحاد . هذا الذكاء المجبول بالحيلة هو ما يميّز الواوي ، وهو يشبه كلبتنا الصغيرة دستي (باللون وبالحجم) ، لكن ذيله أطول ، وأكثف شعرًا ، ولا تستغربوا أن أهل المدن (صغارًا كبارًا) في أيامنا هذه لا يعرفون الواوي إلا من ناشينال جيوغرافيك أو حديقة الحيوانات .  والواوي أصغر من الثعلب المكّار الذي تدور حوله قصص كثيرة في كليلة ودمنة ، وحكايات إيسوب ، التي فضّل علينا سعود الأسدي مؤخرًا ، وترجمها للعربية ، مستعملًا خرافات بدل حكايات ، وكان قد فعل فعلته لامارتين شعرًا  . لكن ما علينا .. ولنعد إلى أخينا الواوي ! هو حيوان إجتماعي ، بمعنى أنه يعيش في مجموعات ، مدججة بالأنياب، وكأنه جيش له دولة غابية (من غابة) ، فيها يقسم الفرد أنه من أجل المجموعة ، والمجموعة من أجل الفرد ، وفيها يستقوي الفرد بالمجموعة إلى أبعد الحدود ، وحتى عتبات الخرافة ، فيها يعيش على الحراب و…الخراب ، وهو يقتل من أجل القتل ، يسطو على القن ، يخنق الدجاج ، ويتركه . ربما لأنه يعتبر أن كل المخلوقات ضده ، يشعر أنه دائمًا مطارد ، وربما أيضًا لأنه إن لم يجد له عدوًا ، يخلق له عدوًا ، لكي يقنع باقي أفراد المجموعة بالخطر الدائم الذي يحيق به وبمجموعته وبغابته الدولية ، بسبب اختلافه عن باقي الخلق ، من انسان وحيوان ونبات وجماد  . وكثيرًا ما نسمع عواءه المجتمعي ، ونرى عيونه تلمع في الليل ، ونحن نسمر عند فتحة البئر بتل الفار في مرج ابن عامر . قال أحدنا : أسمعتم قصة الواوي الذي بلع منجلًا ؟ قلنا له : هاتها ! قال : كان يا ما كان ، فلّاح فلسطيني بسيط ، ممن يأكلون الشطة مغمّسة بالفلفل الحرّاقي ، وقد أعياه أذى الواوي ، وكثرة خرابه في حقوله وأملاكه وحيواناته ، من أرانب ودجاج وحملان … وعندما مات له أرنب صغير حشا فيه منجلًا ، ووضعه في طريق الواوي ، فما كان من هذا الواوي “الذكي” إلا أن ابتلع الأرنب والمنجل ، لشدة جوعه وشراهته وتعطّشه للدم . قال أفتحنا : ها وبعدين ؟! قال محدّثنا : وبعدين .. عند خر… بتسمع عواه .

ارفق الرابط منعا التهامي بتكليف النص

https://www.alittihad44.com/archive/6023