مساء الخير: وصلتني هذه الاسطر منذ قليل انشرها فرحا ، بقدر حبي للمملكة، وتقديري لحب أهلها للبنان
لفتتني هذه الكلمات من ديوان المغفور له بإذن الله، معالي الوزير السعودي السابق الدكتور غازي القصيبي “مائة ورقة ورد”، والتي تبين كم هنالك من قيادات عربية محبة للبنان أكثر من كثير من قيادات لبنان الحالية:
. لبنانيّ أنا
لا أعرف لبنانكم أيها السادة.
ولا أريد أن أعرفه.
لبنان القناصة، والمسلحين، وغاليري سمعان، والطرق غير السالكة، والخطف، والمبعوثين الدوليين.
أعرف لبناناً آخر.. لبناني أنا.
لبناني أيها السادة، كان صبيا صغيراً حالم العينين يأكل مناقيش الزعتر وينام على وقع الميجانا ويصحو فيرقص الدبكة.
لبناني كانت ترسانة كتب، ومصنع شعر، وسفراً في النجوم، وموعداً تاريخياً مع الإبداع.
لن تأخذوا لبناني مني.
بكل ميليشياتكم وأحزابكم وطوائفكم وبنادقكم وسياراتكم المفخخة.
لن تأخذوا مني رعشة الحب البريء الأول في حي من أحياء بيروت الحسناء.
ولن تأخذوا مني خطواتي الأولى الحذرة على الثلج الأبيض في الأرز العتيق.
ولا القصيدة التي كتبتها على شجرة صنوبر.
لن تأخذوا مني المطعم الذي يغني فيه شيخ عجوز.
ولا بائعة الفل التي تنتظرني كل مساء على باب المقهى.
ولا خرير الباروك. ولا غنج زحلة. ولا ضجة البسطة.
ولا إغراء الروشة. ولا درّاق شتورة.
ولبناني، أيها السادة، لم يمت.
ولكنه سافر في رحلةٍ مؤقتة من أجمل ما فيه إلى ابشع ما فيكم.
ولكنه سيعود.
وذات صباح والثلج الأبيض يتساقط على الأرز العتيق سأجد في انتظاري صبيّاً صغيراً حالم العيون يأكل منقوشة الزعتر ويهتف بي:
“أهلين! اشتقنالك!”.