هكذا انتخب سليمان فرنحية العام ١٩٧٠ – جنبلاط رجح الكفة في اللحظة الاخيرة ١/٢

مثل النائب سليمان فرنجية زغرتا في شمال لبنان، حيث تقدم كمرشح محافظ بتوافق الآراء وحصل على دعم اليسار واليمين وعبر الفصائل الدينية بسبب رد الفعل العكسي لـ12 عامًا من الإصلاح المستمر من الأنظمة الشهابية، في ما كان أكثر الانتخابات الرئاسية إثارة للجدل في لبنان، وتم انتخابه بفارق صوت واحد في 17 أغسطس 1970 بأغلبية 50 من أصل 99 نائباً.

فبحضور جميع النواب الـ 99 وكان كل من فرنجيه وسركيس يتمتعان بدعم متساوٍ تقريبًا، وفي الجولتين الثانية واللاحقة، لم يكن هناك سوى أغلبية بسيطة.

في الجولة الأولى لم يتلق أي شخص عتبة 2/3 اللازمة، وانتقلت الانتخابات إلى الجولة الثانية، حيث تم الإدلاء بأصوات إضافية (كان هناك 100 صوت في الجولة و 99 نائبًا فقط في المجموع) وبالتالي تم إلغاء الجولة.

في الجولة الثالثة حقق فرنجية فوزًا مفاجئًا على إلياس سركيس، المرشح الرسمي للنظام الشهابي، بسبب تغيير كمال جنبلاط في اللحظة الأخيرة، الذي أمر أحد نوابه بالتصويت لصالح فرنجية، رفض رئيس المجلس صبري حمادة إعلان النتائج بفارق صوت واحد وانسحب من مبنى البرلمان، أثناء مغادرته القاعة، مارس نائب رئيس مجلس النواب ميشيل جورج ساسين مهامه كرئيس بالنيابة وأعلن سليمان فرنجية الرئيس العاشر للجمهورية اللبنانية.

في 17 من أغسطس (آب) 1970 التأم مجلس النواب اللبناني في مقره وسط بيروت لانتخاب رئيس للجمهورية. حضر النواب جميعهم، 99 نائباً، ولم يتغيب أحد ولم يتم تعطيل النصاب.

جلسة واحدة كانت تكفي لانتخاب رئيس قبل انتهاء ولاية الرئيس المنتخب، وكان سليمان فرنجية وزير الاقتصاد في آخر حكومة على عهد الرئيس شارل حلو مرشح الحلف الثلاثي والمعارضة، وكان إلياس سركيس مرشح النهج الشهابي المؤيد للرئيس الأسبق فؤاد شهاب.

في الدورة الأولى حصل سركيس على 45 صوتاً وفرنجية على 38 والشيخ بيار الجميل على 10 أصوات، وصوت واحد ذهب إلى عدنان الحكيم.

في الدورة الثانية كانت هناك 100 ورقة اقتراع، وهناك من تعمد وضع ورقتين معاً، فألغيت الدورة ولم يتم فرز الأصوات، وخلال الدورة الثالثة نال سليمان فرنجية 50 صوتاً وسركيس 49 وصار فرنجية الرئيس الخامس للجمهورية اللبنانية.

رئيساً في جريدة “النهار”

تم حسم الاتفاق على ترشيح فرنجية في مكتب رئيس تحرير جريدة “النهار” النائب السابق غسان تويني الذي كان قريباً من كميل شمعون وإلى جانبه في الحلف الذي أسقط الرئيس بشارة الخوري، وكان كميل شمعون وريمون إده وبيار الجميل يريدون أن يترشحوا، لكن لم تكن مع أي منهم الأكثرية، وكان فرنجية في كتلة وسطية مع كامل الأسعد وصائب سلام، ونتيجة اتصالات مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط أجراها تويني، قال جنبلاط إنه يقسم أصوات كتلته بين فرنجية وسركيس، فتم الاتفاق على ترشيح فرنجية وتنازل له شمعون والجميل وإده.

أما حسم ترشيح إلياس سركيس فتم في منزل الرئيس فؤاد شهاب في جونيه. مؤيدو الرئيس السابق حاولوا ترشيحه لأنه يمكن أن يربح، لكنه رفض وأشار بترشيح “ابن سركيس” كما كان يسميه، وذهب موفدون من قبله إلى مصر والتقوا الرئيس جمال عبدالناصر فقال لهم إنه لا يعرف سركيس ولا يدعم إلا فؤاد شهاب.

قبل عامين نجحت الشعبة الثانية في إفشال محاولة الاستخبارات السوفياتية خطف طائرة ميراج عسكرية واعتقلت الدبلوماسيين الروس الضالعين فيها، ونتيجة ذلك لم يعط الاتحاد السوفياتي توجيهات بانتخاب مرشح الشعبة الثانية إلياس سركيس ففاز سليمان فرنجية نتيجة هذه المعادلات التي أثرت في تصويت عدد من النواب.

بين عبدالناصر والأسد

في 17 سبتمبر (أيلول) وقبل أسبوع من تسلم فرنجية الرئاسة رسمياً في 23 من سبتمبر، اندلعت اشتباكات في الأردن بين الجيش الأردني والمسلحين الفلسطينيين الذين تحركوا ضد حكم الملك حسين. ولتطويق هذه الحوادث دعا الرئيس جمال عبدالناصر إلى قمة عربية في القاهرة في 23 من سبتمبر، وقبل يوم واحد وفي آخر يوم من ولايته، ذهب الرئيس شارل حلو إلى القاهرة ليشارك في الجلسة التحضيرية وعاد في اليوم التالي إلى لبنان ليسلم الرئاسة إلى خلفه وليتوجه فرنجية في أول يوم من حكمه إلى القاهرة ويحضر القمة، وبعد عودته توفي الرئيس المصري جمال عبدالناصر في الـ 28 سبتمبر.

على مدى أكثر من 15 عاماً شكل عبدالناصر نقطة قوة للتأثير في الوضع اللبناني، فغيابه سيترك فراغاً على هذا الصعيد، وفي الجانب الآخر من المشهد العربي كان نجم حافظ الأسد يصعد في سماء سوريا بعد الانقلاب الذي قاده ضد خصومه في الحكم بحزب البعث قبل أن ينتخب رسمياً رئيساً للجمهورية السورية عام 1971 بعد أشهر على انتخاب فرنجية، لكنه منذ عام 1969 أصبح الرجل الأقوى في النظام.

مواقع

ويكيبيديا