النقيبة القوال شاركت في ورشة عمل بعنوان “مواكبة تطبيق قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه”

شاركت نقيبة المحامين في طرابلس ماري تراز القوال فنيانوس في ورشة عمل بعنوان: “مواكبة تطبيق قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه رقم 205/2020: نحو تنفيذ فعال وشفاف”، بتنظيمّ من الأمانة العامة لمجلس النواب بالإشتراك مع كل من لجنة المرأة والطفل ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية وذلك في قاعة مكتبة مجلس النواب.

كما شارك في الورشة أعضاء من مجلس النواب اللبناني وممثلون عن وزارة العدل ووزارة الداخلية وممثلون عن المنظمات الدولية والمحلية المعنية بقضايا المرأة، بالإضافة الى عدد من الخبراء، وممثلين عن البعثات الديبلوماسية والمنظمات الدولية.

وهدفت الورشة بشكل أساسي الى تقييم مجريات تطبيق القانون رقم 205/2020 الرامي الى “تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه” بعد مرور عامين على إصداره وذلك للوقوف على التحديات والعقبات التي تحد من ضمان تحقيق الأهداف المرجوة من القانون وشفافية تطبيقه ومناقشة سبل معالجتها. هذا وتضمنت الورشة عرض ملخص عن “تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون الصادر عن البنك الدولي مع الإضاءة على دور القانون رقم 205 في تقدم ترتيب لبنان في المؤشر الخاص بمكان العمل، إضافة الى عرض لأبرز الأدوات والممارسات العالمية التي تساهم في تعزيز دور مجلس النواب في الرقابة اللاحقة على التشريعات وضمان تنفيذها بشكل فعال وشفاف”.

وللمناسبة كان للنقيبة القوال كلمةً جاء فيها :”تشكل القوانين بصورة عامة، والجزائية منها بصورة خاصة، مرآةَ الأخلاقيات والقيم في المجتمع الذي ترعاه، والحدَّ الفاصلَ فيه ما بين الفضيلة وعكسِها. قاعدةٌ راسخةٌ تملي أن يظلَّ تطور القوانين الوضعية مطابقًا لواقع الآداب الاجتماعية في البلد، حفاظًا على ما تراكم منها في وجدان الأجيال المتعاقبة. ويدخل التحرش الجنسي ضمن معطيات هذه القاعدة، فهو لم يجرَّم عندنا، إلا لأنه مناقضٌ للأخلاقيات العامة التي تسود المجتمع اللبناني، بل الشرقيَّ على وجه العموم، بل الإنسانيَّ على وجهٍ أعم.
وهنا أدخل مباشرة إلى تجربة نقابة المحامين في طرابلس مع هذا القانون وتطبيقاته العملية، فأشير إلى أن مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية في النقابة استقبل منذ انطلاقه في العام 2021 / سبعةً وعشرين ملفًّا (27) متعلقًا بحالات التحرش الجنسي والاغتصاب، من ضمنها حوادث الابتزاز الإلكتروني. هذا، لا يعكس طبعًا بشكل دقيق واقع الحال، لأن عددًا غيرَ قليل من ضحايا التحرش يفضلون السكوت عما يتعرضون له، والإحجام عن الادعاء على الفاعل مخافة الفضيحة، وهنا يبرز دور المجتمع في تشجيع الضحايا بالاحتضان والتأييد، كي لا يفلت المجرمون من العقاب.
ومن خلال جلسات التوعية حول قانون التحرش التي تقدمها النقابة عبر معهد حقوق الانسان و مركز المعونة القضائية والمساعدة القانونية تبين ما يأتي:

  1. أن حالات التحرش الجنسي لم تقتصر على الفتيات القاصرات، بل هناك أيضاً قاصرون ذكور كانوا عُرضةً لتحرشاتٍ وصل بعضها إلى حد الاغتصاب.
  2. أن حالات التحرش بالفتيات الصغيرات دون الثانية عشرة من عمرهنَّ غالباً ما يكون فاعلوها من أفراد العائلة المقربين.
  3. أن النسبة العظمى من الضحايا، سيانِ أكانوا ذكورًا أم إناثًا، ما زالوا يجهلون الحقوق التي يوليهم إياها القانون رقم 205/2020، بل إن بعضهم يجهل أصلًا وجود هذا القانون المتعلق بالتحرش الجنسي.
  4. أنَّ الضابطة العدلية قبل العام 2020 كانت تنصح الضحايا بغض النظر وعدم الادعاء إذا اقتصر الفعل المشكو منه على التحرش دون الاغتصاب، تحت حجة انتفاء النص المجرِّم. أما الآن فأصبح دور الضابطة العدلية أكثر فعالية في ملاحقة هذا الجرم.
  5. أن وجود قاضيات سيدات في النيابات العامة ودوائر التحقيق، هو عامل أمانٍ للفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش.
    رغم ذلك أثبتت جلسات التوعية أن العقلية السائدة في المجتمع اللبناني التي تميل إلى لوم الضحية قبل إدانة الجاني، دفعت ببعض الأمهات إلى لوم بناتهن القاصرات وفرض التكتم عليهنَّ وعدم الإفصاح أمام أحد، عمّا تعرَّضْنَ له.
    وفي قضية شغلت الرأي العام منذ حوالي عامين، تتعلق بالأستاذ الذي كان يمارس صنوفًا من التحرش بتلميذاته في الصفوف المدرسية، فقد تولت النقابة عبر مركز المعونة القضائية هذه القضية وكلفت أحد المحامين بمتابعتِها، ولكن المحكمة برأت المدعى عليه من جرم التحرش وأدانته بجرم إهمال واجباته الوظيفية كمدرس وموجه للناشئة من الطلاب. لا شكَّ في أن قرار المحكمة بهذا الشأن معلَّلٌ تعليلًا جيدًا، ولا سيما لناحية اعتباره أن أفعال التحرش يجب أن تكون واضحة، وأن يجري تقديرُها بصورة موضوعية، ولا تكونَ خاضعة للتقدير الشخصي للضحية أو حتى للقاضي، لكن ذلك يستتبع بالمقابل أمرين: أن تجري على الدوام قراءة القانون قراءات متجددة في المجلس النيابي عبر تعديل النصوص عند الحاجة، وعبر الاجتهادات القضائية التي تسهم في تفعيل الحماية والعقاب بتوسيع نطاق تفسير النصوص ذات الصلة، ما يؤدي إلى توسيع نطاق الردع وإلى منع التملص من الجريرة.

وفي الختام أتمنى لهذا المؤتمر النجاح الذي يستحقه موضوعه الإنسانيُّ والوطني. وشكرًا