- عبدالله قمح
لا أدلة دامغة تؤكد أن المعارضة المسيحية + “التيار الوطني الحر”، توصلوا إلى اتفاق نهائي حول ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية. ما توفّر حتى الساعة عبارة عن إعلان نوايا من دون حسم النوايا. فلا معراب تبلّغت رسمياً من جانب الوسطاء أن “التيار” حسم موقفه من تبنّي أزعور، وتنتظر موقفاً مماثلاً، ولا “القوّات اللبنانية” أبلغت موقفاً رسمياً موازياً بأنها في صدد السير فيه..
ما يجري بثّه من معطيات
خلال الساعات الماضية عبر الإعلام، وظيفته نشر مناخات إيجابية تخدم مسار المفاوضات المستمر بين القوى المسيحية الثلاث: “القوات” و”التيار” والكتائب.
وتحاول القوى الثلاث إستباق زيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى باريس، لـ”تزنيره” بإسم يتولى عرضه على الجانب الفرنسي بصفته “إسم يحظى بتوافق وإجماع مسيحي” نزولاً عند طلبات سابقة كرّرتها الإدارة الفرنسية كشرط محتمل لتعديل موقفها من المسار ككل.
لذلك، تنشط القوى تلك قبل ساعات من زيارة الراعي في تأمين التزامات “مكتوبة” في ما بينها كضمانة لموقفها، ما يدلّ على مستوى الثقة بينها، أو التزامات شفهية يتولى رعايتها وسطاء موثوق بهم كحد أدنى.
بموازاة ذلك،
يبدو أن الإسم الموزّع، وفق الشكل والسياق الذي يأتي به، له قدرة على تفخيخ مسار رئاسة الجمهورية بالكامل، بدليل تصريح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الذي اعتبر أمس أن “المرشح الذي يتداول بإسمه هو مرشح مناورة، مهمته مواجهة ترشيح من دعمناه وإسقاطه”.
ما تقدّم يخدم نظرية يتبنّاها مجموعة من النواب داخل الكتل النيابية المحسوبة على الفرق المنخرطة في التفاوض، فحواها
أن الإتفاق إن حصل،
ليس أكثر من مجرّد “إتفاق وهمي”
بمدة صلاحية وجيزة، سيزول بانتهاء زيارة الراعي إلى باريس، لتعود الأمور إلى ما كانت عليه،
أي إشتباك تلك القوى في ما بينها.
ويُستدل إلى ذلك من فرضية عدم ارتكاز أي اتفاق محتمل إلى برنامج عمل المرشّح.
يوصل ذلك إلى استنتاجٍ وحيد، مفاده أن الإتفاق الجاري الحديث عنه، ليس أكثر من “اتفاق وهمي” بين قوى “تنشد التعطيل” وغير مجتمعة على أي بند سياسي وارد ضمن جدول أعمال مشترك، ويسعون إلى إنتاج اتفاق لتحميله إلى الراعي، الذي يكرّر الطلب إليهم منذ أن وزّع خبر عزمه زيارة باريس، الإتفاق مسيحياً على إسمٍ موحّد لرئاسة الجمهورية. إذاً يُفهم أن الداعي إلى الإتفاق الآن، ليس “عشق” جهاد أزعور أو برنامجه، فما حصل عام 2016 من إتفاق “التيار” و”القوات”، على عنوان “تطيير سليمان فرنجية” يتكرّر اليوم بصورة أشمل وأكثر سوءاً.
الوصول إلى هذه النتيجة يخدم فكرة التعطيل.
فبعض القوى السياسية المسيحية ترى أن الحديث الجدي في الإستحقاق الرئاسي يبدأ بمجرّد زوال حظوظ فرنجية، ودفع القوى “المسلمة” للتراجع عن تأييده. لذلك،
تعتبر أن تأمين اتفاق مسيحي على إسمٍ وإبلاغه بصورة مسيحية إلى فرنسا،
قد يدفع بالأخيرة إلى الدخول في بازار مفاوضات سيؤكد إلى إجراء تعديلات وتغييرات على موقفها من رئاسة الجمهورية، وبالتالي موقف القوى الداخلية منه!
بعيداً عن ذلك،
يبدو أن الأجواء داخل كتلتي “الجمهورية القوية” و “لبنان القوي”، ليست أقل سوءاً مما يجري تداوله في الخارج.
فجزء من نواب “القوات” باتوا أسرى التباينات التي أوقعهم فيها حزبهم. فكيف لحزب يُنشد التغيير منذ 17 تشرين، أن يؤيد وصول من عمل كمهندس لدى أركان المنظومة؟
بالنسبة إلى “التيار”، فالوضع ليس أفضل. بات رئيسه جبران باسيل أمام “كوع” سياسي خطر. وبحسب المعلومات، ما زال باسيل يتجنّب دعوة تكتله إلى اجتماع على رأس جدول أعماله البت بترشيح جهاد أزعور، بسبب وجود “كتلة” كبيرة معترضة عليه. لذا يمضي باسيل في تبنّي سياسية الإستفراد من خلال تقديم موافقة منفردة من دون العودة إلى موقف حزبه، ما سيعود عليه بضرر سياسي بالغ.
فمجموعة من النواب تبادر إلى “رفع صوتها” عبر “غروبات” المحادثة المشتركة، طالبين إشراكهم في القرار، مع تذكير أنهم ليسوا في صدد تغطية أي قرار ليس ناجماً عن أكثرية مطلقة.
ويُفهم من موقف باسيل حرجه. فرئيس “التيار” يُدرك أن 9 نواب من أصل 20 نائباً لم يعودوا من حصته، أو أنه صاحب تأثير فعلي عليهم. فنواب حزب الطاشناق المشتركين ضمن التكتل + نائب عكار محمد يحيى، هم أقرب إلى ترشيح سليمان فرنجية، يُضاف إليهم 5 نواب من “العونيين” الأقحاح (آلان عون، أسعد ضرغام، إبراهيم كنعان، سيمون أبي رميا والياس بو صعب) يؤمنون بنظرية أن يكون المرشّح من صلب التكتل، وليس خارجه.