تتكثف التحذيرات الخارجية للبنان من مزيد من الانزلاق وتتشدد في دعوته الى محاذرة ان يصبح الساحة المقبلة للحرب الثانية بعد حرب غزة. ومع ذلك يبدو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي يشكل محور الاتصالات الخارجية الجارية مع لبنان محافظا على توازن دقيق للغاية بين استبعاد الحرب وانتظار بعض الوقت لتثبيت اماله على تجنب لبنان كأسها المدمرة. ولذا يدرج ميقاتي عبر حديثه لـ”النهار” هذه التحذيرات في اطار “البحث في الاوضاع العامة في المنطقة وانعكاسات ما حصل في غزة على كل المنطقة وتهدئة الوضع”. ويقول “نحن رسالتنا واحدة انه يجب الاسراع في وقف النار لاننا في سباق حقيقي بين وقف النار والتصعيد . واذا حصل المزيد من التصعيد فانه لن يشمل لبنان فقط بل فوضى امنية في كل المنطقة. وهذه نتيجة او خلاصة كل الاحاديث التي تم تداولها بمعنى ان ليس الاطراف الخارجيين من يقولها او انا من اقولها”. ويحدد ميقاتي تدرج الوضع على قاعدة “ان الايام الثلاثة او الاربعة التي تلت عملية حركة حماس في اسرائيل كانت الامور تقاس وفقا للدقيقة الواحدة اذا كان يمكن للبنان ان يدخل الحرب ام لا . بعد ذلك باتت الامور تقاس وفقا للساعة الواحدة وتطور الامور تبعا للساعات وبتنا اخيرا وفقا للايام. وهذا لا يعني ان امكانات التصعيد لم تعد موجودة او الغيت او انه يجب ان نطمئن”. ويحرص على عدم استخدام هذه الكلمة في هذه المرحلة الغامضة وغير الواضحة، اذ لا يريد ان يخيف اللبنانيين بقوله انه غير مطمئن ولا يريد ان يطمئنهم في وقت ان الكثير من الامور على المحك. ويعتبر انه على رغم ما يجري جنوبا فان “الامور تحت السيطرة ومن ضمن شروط اللعبة ولكن ما يخيف الجميع هو قدرة الاطراف المعنية على قلب الطاولة لاسباب او اعتبارات مختلفة فيما اسعى الى تجنب ذلك بكل قوة”.
وعن طبيعة الرسائل الدولية ومضامينها يؤكد ميقاتي “ان لا رسائل محددة بل اصرار على ان هذه الدول تتمنى ان ينجو لبنان مؤكدة انها تعرف الضغوط التي تواجهها الحكومة والاتصالات التي يقوم بها رئيسها وهي تشجعه وتقدم الدعم له على قاعدة ان هذه الدول تريد ان يبقى لبنان في منأى عن اي صراع او حرب في المنطقة ورسالة مسؤوليها اننا نطلب منك ذلك ونحن نعمل إقليميا”.
وقد تلقى ميقاتي امس إتصالاً من وزير خارجية مصر سامح شكري، وتشاور معه في مجمل الأوضاع الراهنة في لبنان وغزة.ووضع شكري رئيس الحكومة في نتائج “قمة القاهرة للسلام” التي عقدت في العاصمة المصرية السبت وكان الأمين العام للجامعة العربية احمد أبو الغيط اطلعه سابقا على نتائج القمة .
ولم تحجب التطورات الميدانية والديبلوماسية المتصلة بالوضع في الجنوب بعض الملفات الملحة التي وضعت على طاولة البت السريع والعاجل في ظل الوضع الطارئ واولها موضوع خطر شغور منصب قائد الجيش العماد جوزف عون في ظل هذه التطورات المخيفة. وعلم ان المشاورات المتصلة بطرح التمديد للقادة العسكريين والامنيين وتعيين رئيس لاركان الجيش بلغت مرحلة متقدمة للغاية لاعادة طرحها في اول جلسة لمجلس الوزراء بعد ان تستكمل المساعي الجارية لتحقيق تفاهم الضرورة حول هذا الاجراء بقالب قانوني لا تشوبه ثغرات. وبدا واضحا ان معظم مكونات الحكومة كما بعض قوى المعارضة لا تعارض هذا الاتجاه فيما يجري التركيز على اقناع “التيار الوطني الحر” به بما يوجب حضور الوزراء المحسوبين عليه اذا تقررت جلسة لبت هذا الملف. وفي السياق قال امس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط “اما وان البلاد في شبه حالة حرب، أيعقل ان تقاطع بعض القوى السياسية وبعض الشخصيات مجلس الوزراء للتمديد لقائد الجيش الحالي ولتعيين رئيس الاركان . كفانا حسابات رئاسية متخلفة فلنكن جبهة عمل واحدة لمواجهة اقصى الاحتمالات”.