سليمان فرنجيه وسلوك الاقوياء

سليمان فرنجيه وسلوك الاقوياء

محمد الحسن

ابان الثمانينات تعرفنا في الشمال على اسم سليمان فرنجيه القوي ، سليمان طوني فرنجيه ، البيك الصغير يرتع في ظل جد قوي وحكيم وعارف بشؤون لبنان ومشاكل موارنته ومشاكل سياسييه ومشاكله مع الغرب وغيره وقوته مع العروبة وخلافاته مع الداخل والخارج .

كان سليمان فرنجيه الحفيد يتخذ من جده مرجعا ووالدا ، ومن بنشعي مقرا ومستقرا فحولها من بلدة عادية الى معسكر ل ثلاثه اربعمئة و انطلق من هناك ليثبت لنفسه انه القوي المتين الشجاع الجدير بان يحمل اسم ابيه وان يكمل مسيرة جده فخاض معركة وجود بنشعي و قاد فيها معركة وجود الذات والتغلب على الحزن على الوالدين والأخت الطفلة ، بنى المقر القوي للمردة الحديثة ثم بعد ذلك المنطقة الاقوى في السياحة و لتستقطب الناس والرواد من لبنان وكل لبنان ومن مختلف دول العالم حتى صار اسم بنشعي مقترنا بالسياحة .
فقد حول مجرد ساقية للمياه الى نهر جميل وبحيرة فائقة الروعة بقوة ايضا.

و في التسعينات انتقل سليمان فرنجيه الى العمل السياسي الميداني المباشر نائبا ثم وزيرا ، ولم يكن يفاوض على اي من مبادئه، فقد استخدم دائما قوته كرجل مؤمن بمسار القوة فيتراخى حيث توجب عليه الظروف والطبيعة السياسية في لبنان ذلك ، ثم في التسعينات اجاد لعبة القوة الجديرة بالاحترام مع حلفائه واجاد ايضا مسار القوة مع من يفترض انهم اخصامه فلم يسعى الى انهاء القوات اللبنانيه بل احترم رموزها في البترون وفي الكورة وبشري ووفر لهم ما يؤمن لهم العيش الهادئ حتى انه حظي بانتقاد بعض من اصدقائه على ذلك ، فغابت صراعات النفوذ او صراعات الثأر وحتى الضيق منها ، وهنا مارس قمة القوة و القدره على ان يكون متزنا وازنا في الاداء السياسي والمحلي والماروني الماروني.

استخدم سليمان فرنجيه بعدها الحذر وقوة الواثق وقوة الحليف الصادق ، استخدم علاقته مع سوريا فلم ينشئ ميليشيا عسكرية لا بل استغنى عن المنطق العسكري في تيار المرده حتى الايمان المطلق بان المردة فريق وتيار سياسي بحت .

وخاض بعد ال 2000 مع رفيق الحريري مسار رفض السياق المالي والاحترام الشخصي حتى جاء برفيق الحريري الى بنشعي وتناولا معا الكبة الزغرتاوية وليقول رفيق الحريري من هناك كلاما وازنا شجاعا محبا مقدرا لسليمان فرنجية.

العام ٢٠٠٥ اغتيل رفيق الحريري وبدا سليمان فرنجيه المتاثر للغايه بهذا الاغتيال الضار والمضر فقد احرجته وزاره الداخليه بقدر كبير وكبله اغتيال رفيق الحريري فتعاطى مع ذلك بقوة المتاثر بهذا الاغتيال وبقوة الخجول من التمدد الى المناطق السنية او التعاطي معها الا بمنطق الاحترام لذلك الاغتيال الحدث فانكفا مقتنعا ومرات حزينا من اداء بعض القواعد الشعبية التي طالما مدها بالخير والقوة والمساعدة والعون.

بعدها اختار ان ينضم الى حلف ميشال عون حزب الله وفتح الباب للتيار الوطني الحر في زغرتا وفي الكورة وفي البترون ، فتح باب الزغرتاوي الكريم ، وتابع بصمت تمدد هذا التيار وتمدد القوات والكتائب ، مجددا في تلك الاقضية، وكان ذلك الاداء هو أول مسار له في مرحله ما بعد رفيق الحريري فالتزم شروطه نفسها التي كان دائما ما يتمسك بها ، شروط العروبة وشروط التحالفات الثابته التي ابقى عليها فخسرته لوقت طويل ولكن دون ان يقيم وزنا للخساره التي اعتبرها بديهية بالنسبة له فهو كان يثق بان الربح يكمن في متانة التحالف وقوة الحضور مع الحلفاء وقوة الوفاء لهم .

و ايضا لم يشاكس سعد الحريري كما فعل مع والده ولكنه وضع النقاط على الحروف بشكل فظ مرات فحذر منه سعد الحريري حتى التعارض ولكن ذلك اخذ سعد الحريري كما سبق ان فعل والده الى العلاقه المتينة مع سليمان فرنجيه بالشخصي ، فحظي منه بالرفقة الصادقة وحضرت قوة سليمان فرنجيه مجددا وكانه كان يقول ما لنا لنا في السياسة وما لسعد الحريري لسعد الحريري في الصداقة ، له منا الحب بالشخص وعليه منا الموقف السياسي في السياسة ، ثم تجاوز دائما شطحات حلفائه وبخاصة التيار الوطني الحر ومحاولات الغائه التي تجاوزها بقوة ايضا وبمرونة .. مرونة الواثق بنفسه والواثق بان الانسجام في السياسة والانسجام في التحالف اقوى مرات واكثر فعالية من المرابح المؤقتة ، وربما لم يدرك جبران باسيل هذا الامر طيلة هذا الوقت.

بعدها قيل لبيك زغرتا ب المصالحه فذهب شجاعا يفتح القلب ويمد اليد الى سمير جعجع وحصلت المصالحة فعلا واختتم بذلك عهدا طويلا من الخلاف السياسي وحتى الزغرتاوي البشراوي فانهاه على قاعدة نحن هنا في لبنان والباقي يحاسب عليه التاريخ ولا نحاسب عليه بالشخص ، نصالح ولا ننسى ومرة جديدة حضرت قوة سليمان فرنحية التي سجلها من في الداخل والخارج له .

ودخل استحقاق الرئاسة وقبل بمعادلة السيد حسن نصر الله سليمان الفرنجيه عين وميشال عون عين وبقوة ايضا ومجددا اتخذ لنفسه الموقف الذي ارتآه له الحلفاء مدركا ان القوة مجددا هي بالسياسة وبالموقف السياسي الصلب والمتين وتجاوز بعد ذلك كل محاولات الاذية المباشرة في السياسة وفي غير السياسة من جبران باسيل واحيانا من الرموز المحيطة بالرئيس ميشال عون حيث كان ميشال عون يصمت ولا ينبت ببنت كلمه ويترك الفعل لجبران باسيل . ولم يكن سليمان فرنجية يوجه الاتهام او اللوم ويكتفي بمجرد التلميح الذي لم يكن يشتهر به قبلا فهو صريح مباشر كما يريد ان يكون ويريد ان يظهر دائما، وقيل فيه بعد ذلك انه الاقوى الذي يصالح ويحالف ويتساهل الى حد المودة مع الحليف المستهتر والحليف المتشاطر .

وجاء استحقاق الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون ولم يجد لنفسه من مجال ليعود عن كل الثوابت التي زرعها فاستبقاها وابقى عليها ومضى مرشحا للرئاسة معتمدا على قوة التمسك بالمبادئ والثوابت والمسار والسياق والخطاب واللغة والنهج والتوجه حتى دفع اخصامه في لبنان والخارج كما دفع الدول لتقول في سليمان فرنجيه انه صاحب الكلمة الثابتة والذي يقول ولا يعود عن قوله والذي يتمسك بما اعلن عنه ولا يحيد عنه وليحضر ايضا بالنسبه لهؤلاء على انه المرشح الاقوى لرئاسه الجمهوريه و اذا لم يقل هؤلاء سرا ذلك فقد قالوا عنه علنا انه المرشح القوي للرئاسه.

لم يزعجه ترشح جوزيف عون العماد وقائد الجيش لهذه الرئاسة واعترف به قويا واستقبله صديقا وذهب اليه معزيا بنفس القدر من القوة والاحترام ليحظى بذلك باحترام الكبير والصغير ، فقد كان العماد جوزيف عون يحظى من اصدقائه القدامى بالتشطيب والتنكيل والاتهامات والاضعاف ومحاولات الاقصاء من موقع مرشح لرئاسه الجمهورية .

اما في اخر صور القوة فذلك اللقاء الجميل بين اخر شخصيتين قويتين من نوعهما في لبنان سليمان فرنجيه ووليد جنبلاط ، فالصور كانت معبرة اكثر من البحث في التفاصيل و لقاء الرجلين يكفي فوليد جنبلاط يقول دائما ما يريد ان يقوله سليمان افرنجيه يقول دائما ما يفعله وما يريد ان يقوم به الان وفي المستقبل.

باختصار كل هذا المسار يؤكد ان سليمان فرنجيه هو رجل يتمتع بمبدا القوة ويؤمن بمسار القوة وبمراحل قوة وبالعلاقات الثابته مع الاقوياء وبالعلاقات المتينة مع الاقوياء ايضا عسى ان يبادله الاقوياء بمثل هذه اللغه وبمثل هذا السلوك.