ميقاتي يحاسب على حسناته

محمد الحسن

: المشكله الفعليه في لبنان ان القوى المختلفه على الساحة السياسية ومن يواكبهم من المراقبين والمحللين والمتابعين ، المشكله الفعليّة تكمن في شيطنة الآخر ، وعلى الرغم من ان الوقت الراهن ليس توقيت شيطنة فلبنان يدفع ثمن الفراغ من جهة وثمن التطورات في غزة من جهه اخرى ، الا ان الجميع يصر على شيطنة الآخر. و على شيطنة بعضنا البعض .

وفي اخر النغمات المشيطنة ما يتعرض له رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من انتقادات بعد مواقفه الأخيرة التي اكدت على ان الحل في الجنوب يجب ان يتناغم ويتواكب ويتواءم مع الحل في غزة .

والمشكلة في المواقف التي اعلنت وفي التحليلات التي كتبت وخطت ودبجت انها تنازلت عن غزة وهذا خطير جدا ، لاننا بذلك نذهب سريعا نحو مسار القبول بما حدث في غزة وبما يحدث فيها ، ففي هذا الوقت توحي وسائل اعلام عالمية وكان المشكلة في غزة انتهت في حين ان هذا القطاع يعاني من استمرار الاعتداءات الاسرائيلية ومن سقوط الشهداء يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة، والارقام التي تعلن من قبل وزارة الصحة في غزة ارقام خيالية لعدد الشهداء ولعدد المدفونين تحت الركام .

واذا كنا نسلم جدلا مثلا بان الشهداء كرموا بشهادتهم وانتقلوا الى المولى عز وجل ، الا اننا مسؤولون فعلا عن الالاف تحت الركام والذين تحول الة العدو الاسرائيلي دون امكانية انقاذهم ، وبذلك يموتون تحت الركام بمعنى انهم يدفنون احياء.

و كل هذه الامور لم تدفع المراقبين في لبنان او القائلين بان الرئيس ميقاتي انضم الى محور ما ، لم تدفعهم الى التفكير مليا بان غزة تحتاج من لبنان الى التفكير السليم والتفكير الداعم في توقيت سيء جدا ، فيما ياكل الغزاويون طعاما غير صحي ويشربون مياها ملوثة والوقائع تنذر وبحسب التقارير الدولية الصادرة عن منظمات مختلفة بوباء وامراض ستعصف بالقطاع في ضفتيه الشمالية والجنوبية .

للاسف الشديد ان القائلين بان الرئيس ميقاتي انضم الى محور ما ، او بان خطوته جاءت مرتبكة او ان بعض كلامه اخيرا يوحي بالتردد ، لم ياخذوا بعين الاعتبار كل التنسيق الذي اجراه رئيس الحكومة مع القوى الدولية التي توفر عمليا غطاء للاسرائيليين، ومع سعاة الخير الذين يسعون الى وقف لاطلاق النار كقطر وغيرها ، وقد ذهب اليهم تحت عنوان توفير السلم في لبنان ووقف الحرب في الجنوب و اقله عدم اتساع رقعتها.

لم ياخذ احد بعين الاعتبار ان رئيس الحكومة بذل اقصى ما يمكن سافر مرارا الى دول فيها قرار والى دول القرار لكي يستجلب وساطة للبنان تمنع توسع الحرب فيه ، فقد تجاهل المحللون والمنظرون واهل السياسة هذه الامور كلها وذهبوا الى انتقاد الحديث عن التلازم ، تلازم الجبهة في غزة وفي الجنوب ، و لعله من البديهي تذكير لهؤلاء بان تلازم المعركة في غزة وفي الجنوب وفي الجبهات الاخرى هو الذي يوفر الامن الحقيقي للبنان واذا ما سقطت الجبهات الواحدة تلو الاخرى فاننا سنحصل بذلك على نتيجة مؤسفة ضارة مضرة وهي ان غزة سيسقط قبلها الجنوب بفعل السياسة ثم ستسقط غزه بفعل الواقع الامني وواقع السلطه القائمة سلطة الامر الواقع سلطة الحرب سلطة العدوان سلطة التهجير سلطة القمع سلطة التطهير العرقي.

عمليا

ان ما حصل في لبنان ان المشيطنون تجاهلوا سلوك رئيس الحكومة واداءه وتمسكه بالقرار 1701 الذي تجاهله المموفدون الى لبنان الذين ركزوا على مسألة واحدة هي انسحاب حزب الله الى ما بعد الليطاني وتامين سلامه المستوطنين الاسرائيليين ، وقد تغافل عن ذلك المشيطنون في لبنان ونظروا فقط الى الموقف الداعي الى وحدة الجبهات، وبالطبع الرئيس نجيب ميقاتي لم يذهب الى مثل هذا الموقف انطلاقا من ميول سياسية في لبنان بل انطلاقا من واقعية امنية وواقعية إقليمية تشير بوضوح الى ان الترابط حاصل وان الاسرائيلي لن يوفر ولن ينفذ القرار ١٧٠١ ولا ان يوقف العدوان الذي لم يتوقف على لبنان ولا للحظة ، فما هو مكتوب في الاجندة الاسرائيلية هو استمرار العدوان على لبنان وعلى غزة ، ليس لاسباب سياسية ولا لامور تتعلق بايران ، بل لاطماع إسرائيلية تتعلق بلبنان وجغرافية لبنان ، فانسحاب حزب الله الى ما بعد الليطاني هو تامين لمصالح الاسرائيليين وأضرار بمنطقة سياحية لبنانية فتصبح مكشوفة ومفتوحة لصالح الاسرائيليين ، وهذا الامر لا يعلق عليه اللبنانيون .

المساله الأساسية ايضا ان المشيطنون في لبنان من اهل السياسة لم ينظروا الى القرار ١٧٠١ ولا الى الانتهاكات الدائمة من قبل الاسرائيلي لهذا القرار من التحليق الدائم فوق الجنوب الى الطيران الذي يحلق فوق المدن المختلفة في لبنان في البقاع وفي بيروت والشمال وقصف سوريا مرارا من السماء اللبنانية ، لم يستفز احد هذا الموضوع وهذا الانتهاك وهذا الاعتداء بقدر ما استفزهم التوجه لصلابة الموقف اللبناني بتوفير بعض الامان الاضافي لاهلنا في غزه للمقاومين في غزه للشعب الغزاوي الذي يسحق.

اليوم !!

المطلوب تماما هو وحدة موقف لبنان في مواجهة الموفدين الذين يطالبون بالامن للمستوطنين ولا يهتمون ولا يلقون بالا للامن المتعلق باللبنانيين ولا للرعاة اللبنانيين الذين يختطفهم الاسرائيلي بين وقت واخر وينهب مواشيهم ويعتدي عليهم، ف بالفعل هناك حاجة لكي ينظر الى هذا الموضوع.

اما الاداء الذي قام به رئيس الحكومه والموقف الذي اتخذه رئيس الحكومه فلا يمكن لاي رئيس حكومة اخر في لبنان الا ان يتخذه فعلا فهناك امر واقع على الارض لا يمكن للبنان وحده ان يعالجه ، لا يمكن لاحد ان يعالج المسألة الأمنية ومسالة وجود حزب الله في الجنوب الا لبنانيا وبدعم ومؤازرة دولية عادلة والواقع ان الجميع يتجاهل الوقائع ويتجاهل الحقائق ويذهبون الى التنظير مجرد التنظير ، فالجنوب يحتاج الى موقف لبناني جامع يحفظ له كرامته وتحتاج السماء اللبنانية والمياه الإقليمية اللبنانية الى موقف لبناني جامع يقول للموفدين الغربيين والاوروبيين ابعدوا اسرائيل عن مصالحنا عن مياهنا عن ثرواتنا عن سمائنا عن مراعينا عن اراضينا عن ممتلكاتنا عن مياهنا الإقليمية عن حدودنا ، ولننفذ القرارات الدولية ، كل هذا الامر لا يعني الذين هاجموا الرئيس ميقاتي والذين انتقدوا القرارات التي اتخذها رئيس الحكومه حيث اقل ما يقال في ادائه انه كان على وزن الاداء الذي قام به الرئيس رفيق الحريري العام 96 ابان عناقيد الغضب فهو ذهب مدافعا عن لبنان ومدافعا على المقاومة ووفر للمقاومة غطاء دوليا وقرارات سياسية دولية بامتياز وهذا الامر في الواقع استفاد منه لبنان على مراحل ولو ان المقاومة بعد حين اصبحت محور نقاش في لبنان ومحور حديث حول ما يسمى بالاستراتيجية الدفاعية.

ثم ان الامر الاساسي الذي يحتاج اليه لبنان هو الاتفاق على رئاسة الجمهوريه على انتخاب رئيس الجمهوريه وعلى اتفاق الموارنة فيما بينهم على هذا الامر والخروج من الانانيات والمصالح ، فبديهي ان يهتم المنتقدون بالامور الأساسية القرار 1701 ومنع اسرائيل من الاعتداء على لبنان وانتخاب رئيس الجمهوريه وثم يمكن بعدها للبنان ان يناقش موقع حزب الله في الداخل وموقع لبنان في الخارج وطريقة مقاومته للعدو الاسرائيلي والسبل لمقاومة العدو الاسرائيلي .